هل تجذب السيارات الفيراري الرقمية تدفقات حقيقية للبيتكوين والإيثيريوم؟

تخطو فيراري خطوة جديدة في عالم العملات الرقمية، لكن هذه الخطوة حصرية للغاية وتستهدف عملائها الأكثر تميزاً فقط. حيث تخطط الشركة الإيطالية الفاخرة لإصدار “رمز فيراري 499P” الذي سيسمح لمائة من أفضل عملائها بالمزايدة على سيارة سباق فازت بسباق لو مانز الشهير.
العالم الفاخر يلتقي بتقنية البلوكتشين
تمثل هذه الخطوة مزجاً بين عالم الرفاهية وتقنية البلوكتشين: فرصة لامتلاك جزء من تاريخ فيراري عبر رموز رقمية. لكن وراء هذا المشهد البراق، يبرز سؤال مهم: هل سيكون لهذا القرار تأثير حقيقي على أسواق البيتكوين أو الإيثيريوم، أم أنه مجرد عرض للاستعراض فقط؟
تجربة فيراري السابقة مع العملات الرقمية
اهتمام فيراري بالعملات الرقمية ليس جديداً. ففي عام 2023، بدأت في قبول البيتكوين، والإيثيريوم، و USDC كوسائل دفع لشراء سياراتها، وذلك بالتعامل مع شركة BitPay التي كانت تحول هذه العملات فوراً إلى أموال تقليدية. لم تكن فيراري تحتفظ بالعملات الرقمية أبداً، مما جعل التجربة أقرب إلى وسيلة دفع مبتكرة منها إلى حدث يضخ سيولة في السوق.
مزاد حصري خلف الأبواب المغلقة
مزاد الـ 499P القادم يسير على النمط نفسه. يتم تنظيم المزاد بالشراكة مع شركة التكنولوجيا المالية Conio وفقاً لقواعد الاتحاد الأوروبي (MiCA)، وهو مفتوح فقط لأعضاء “النادي المميز” في فيراري، وهم حوالي 100 شخص من أصحاب الملايين الذين تم اختيارهم مسبقاً.
هذا الحصرية تتماشى مع استراتيجية علامة فيراري الفاخرة، لكنها تحد من دور العملات الرقمية. فمن المرجح جداً أن يمول المزايدون عروضهم باليورو أو بالعملات المستقرة التي تم التحقق منها مسبقاً، وليس عن طريق شراء إيثيريوم جديدة من البورصات.
ما هي “التقسيم إلى رموز” ولماذا يهم؟
يدافع مؤيدو “التقسيم إلى رموز” (Tokenization) عن قدرة هذه التقنية على تحويل المقتنيات الثمينة غير القابلة للتداول بسهولة إلى استثمارات يمكن تداولها. فالملكية الجزئية تسمح للمستثمرين بشراء حصص صغيرة في أعمال فنية أو سيارات أو مقتنيات كانت في السابق حكراً على فاحشي الثراء.
نظرياً، يمكن تقسيم سيارة فيراري نادرة إلى أسهم رقمية يتم تداولها على مدار الساعة، وحتى استخدامها كضمان للحصول على قروض. كما أن تقنية البلوكتشين توفر سجلاً واضحاً لأصل القطعة وأرقامها التسلسلية وتاريخ ملكيتها، مما يضفي عليها مصداقية في أسواق تنتشر فيها المقلدات.
الواقع: أسواق محدودة وتداول ضعيف
لكن الواقع لم يرق بعد إلى مستوى الضجة الإعلامية. فمشاريع تقسيم القطع الفاخرة إلى رموز غالباً ما تبدأ بضجة كبيرة ثم تختفي في غياهب قلة التداول. على سبيل المثال، سيارة فيراري F12 TDF التي تم تقسيمها إلى 1.1 مليون رمز في عام 2015، كان الهدف منها إثبات جدوى فكرة الملكية الجزئية.
اليوم، يتم تداول هذه الرموز بسعر يقارب 0.15 دولار بحجم تداول ضئيل للغاية. المشكلة ليست في التقنية، بل في الطلب. فبعد أن تختفي حداثة الفكرة، نادراً ما يكون هناك عدد كافٍ من المشترين للحفاظ على الأسعار.
العقبات: القيود التنظيمية وصعوبة التحويل
هيكلية فيراري تواجه نفس هذه العقبات. فالتزامها بإجراءات “اعرف عميلك” واللوائح الأوروبية الصارمة سيحصر تداول الرمز ضمن منصة مغلقة ومقيدة. هذا النموذج يعزل السيولة بدلاً من ربطها بالأسواق المفتوحة.
إضافة إلى ذلك، يعتمد رمز فيراري على وسيط موثوق لحفظ السيارة الأصلية والوفاء بحقوق مالكي الرموز، وهذا يتعارض مع المبدأ الأساسي للعملات الرقمية الذي يقوم على اللامركزية وعدم الحاجة لطرف ثالث.
الخلاصة: خطوة رمزية أكثر منها تقنية
مشروع فيراري يعكس علاقة الحذر بين عالم الرفاهية وتقنية البلوكتشين: علاقة مسيطر عليها، حصرية، ورمزية في معظمها.
سوف يصنع هذا القرار عناوين صحفية لافتة ولقطات تسويقية براقة، لكنه لن يحدث تموجات في سيولة البيتكوين أو الإيثيريوم. لا تزال رموز القطع الفاخرة تفتقر إلى الانفتاح، والحجم، وشروط العائد المجزي التي جعلت من التمويل اللامركزي (DeFi) مزدهراً.
قد يثبت رمز فيراري أن التقنية تعمل، لكنه لن يثبت أن السوق مهتم. في الوقت الحالي، محركات العملات الرقمية لا تزال في وضع الاستعداد: آلات مذهلة، لكنها تتحرك ببطء شديد.
الأسئلة الشائعة
- هل يمكن لأي شخص شراء رمز فيراري 499P؟
لا. المزاد حصري لأعضاء “النادي المميز” في فيراري فقط، وهم حوالي 100 من أهم عملائها. - هل ستستخدم فيراري العملات الرقمية مثل البيتكوين مباشرة؟
من غير المرجح. من المتوقع أن تتم المعاملات باليورو أو بالعملات المستقرة ضمن منصة مغلقة، مع إمكانية تحويلها فوراً إلى أموال تقليدية، مما يحد من التفاعل المباشر مع أسواق العملات الرقمية المفتوحة. - ما الفائدة من تقسيم سيارة إلى رموز رقمية؟
الفكرة النظرية هي جعل المقتنيات باهظة الثمن قابلة للتداول بسهولة، حيث يمكن لأي شخص امتلاك جزء صغير منها وتداوله كأي أصل رقمي. لكن التطبيق العملي لا يزال يواجه تحديات كبيرة، أبرزها ضعف الطلب وقلة التداول بعد المرحلة الأولى.














