هل الإرادة الحرة مجرد وهم؟ تجارب الكم تهدف إلى الكشف عن الحقيقة

قد تقارب تجارب فيزياء الكم من اختبار سؤال قديم قدم البشرية: هل نمتلك حقًا إرادة حرة؟
اختبار الإرادة الحرة عبر فيزياء الكم
وفقًا لتقرير نُشر في مجلة “نيو ساينتست”، يقترب الباحثون من طريقة لتحديد ما إذا كانت خياراتنا نابعة من إرادتنا أم محكومة بقوانين فيزيائية خفية. صُممت تجارب الكم لاختبار ما يُسمى “افتراض استقلالية القياس”، الذي ينص على أن المتغيرات الخفية لا تؤثر على إعدادات التجارب، مما قد يثبت أو ينفي وجود الإرادة الحرة.
الصراع بين العلم والدين
كتب البروفيسور “آدان كابيلو” من جامعة إشبيلية في التقرير: “تحل العديد من الأديان التناقض بين مفهوم الإله العليم وأمره بعدم ارتكاب الخطيئة بافتراض أن البشر يمتلكون إرادة حرة جزئية. لكن إذا كانت الإرادة الجزئية مستحيلة، فهذا الحل أيضًا مستحيل”.
نظرية بيل واختبار التشابك الكمي
طور الباحثون اختبارات جديدة بناءً على “متباينة بيل” (نظرية بيل)، التي قدمها الفيزيائي “جون بيل” عام 1964 لدراسة ما إذا كانت الجسيمات المتشابكة تظهر ارتباطات لا يمكن تفسيرها بالفيزياء الكلاسيكية. يختبر هذا الافتراض التشابك الكمي، حيث تنسق الجسيمات سلوكها فوريًا عبر مسافات شاسعة.
كيف يعمل التشابك في الحواسيب الكمية؟
في الحواسيب الكمية، يربط التشابك الكمي وحدات “الكيوبت” بحيث يؤثر حالة واحدة على الأخرى فورًا، بغض النظر عن المسافة، مما يتيح إجراء حسابات معقدة في اتجاهات متعددة في آن واحد.
إعادة تعريف الإرادة الحرة
من خلال تخفيف هذا الافتراض ودراسة إمكانية أن الخيارات ليست حرة تمامًا، حاول الفريق تحديد ما إذا كانت الروابط بين الجسيمات المتشابكة (المعروفة بالارتباطات غير المحلية) هي سمة أساسية في ميكانيكا الكم أم ناتجة عن قوة خفية.
الإرادة الحرة عبر التاريخ
تعود جذور مفهوم الإرادة الحرة إلى الفكر الغربي، بدءًا من فلاسفة اليونان مثل أرسطو، مرورًا باللاهوت المسيحي الذي ركز على المسؤولية الأخلاقية، وصولًا إلى مفاهيم عصر التنوير حول الاستقلالية الفردية.
اختلاف التعريفات بين العلماء
يرى البروفيسور “إيدي تشين” من جامعة كاليفورنيا أن ربط ميكانيكا الكم بالإرادة الحرة يعتمد على كيفية تعريفها، وهو ما يختلف عليه حتى الفلاسفة والفيزيائيون. وقال لموقع “ديكريبت”: “حتى الخبراء يجدون صعوبة في تعريفها، والتعريفات الواضحة تظل مثيرة للجدل. فإثبات أو نفي الإرادة الحرة يعتمد على التعريف المختار”.
هل يمكن للعلم حل اللغز؟
أوضح “تشين”، وهو عضو في معهد “جون بيل” لأبحاث أساسيات الفيزياء، أن العلم قد يظل محايدًا في قضايا مثل القيم أو أسباب الوجود. وأضاف: “بعض النقاشات الفلسفية تعتمد على المنطق أكثر من التجارب. يمكن للعلم الإجابة عن أسئلة محددة، لكن المفاهيم الغامضة يصعب اختبارها”.
التوسع في نظرية بيل
يطور الباحثون نظرية بيل بدراسة سيناريوهات تمتلك فيها الإرادة الحرة درجة جزئية فقط، حيث تظل الخيارات غير مستقلة تمامًا لكنها تحتفظ ببعض الاستقلالية. يؤكد “تشين” أن هذا لا يضعف النظرية بل يوسع تطبيقاتها.
نظرية جديدة لتفسير الخيارات
عند سؤاله عمن قد يتحكم في “النصف الآخر” من خياراتنا إذا كانت الإرادة جزئية، أجاب “تشين” أن الإجابة تتطلب نظرية فيزيائية جديدة تفسر ليس فقط الظواهر المرئية، بل أيضًا الروابط الخفية بين القرارات البعيدة. وقال: “حتى وجود مثل هذه النظرية، نأخذ الأمر بجدية. قد تنطبق نظرية بيل عندما تفشل النظريات المحلية”.
الخلاصة: لغز الإرادة الحرة مستمر
قد لا تحسم تجارب الكم الجدل حول الإرادة الحرة، لكنها بدأت تغير فهمنا لها. حتى كمية صغيرة من حرية الاختيار، كما يقول الباحثون، تكفي لاستبعاد التفسيرات البسيطة، مما يشير إلى أن اللغز الحقيقي ليس في وجود الإرادة الحرة، بل في مقدار ما نمتلكه منها.
الأسئلة الشائعة
- ما هو التشابك الكمي؟
ظاهرة فيزيائية حيث ترتبط الجسيمات ببعضها حتى عند تباعدها، فتؤثر التغييرات في أحدها على الآخر فورًا. - كيف تختبر تجارب الكم الإرادة الحرة؟
عن طريق دراسة ما إذا كانت خيارات الباحثين في التجارب مستقلة أم متأثرة بقوانين خفية، باستخدام نظرية بيل. - هل يمكن للعلم إثبات أو نفي الإرادة الحرة؟
يعتمد ذلك على تعريف الإرادة الحرة نفسه، وهو ما يختلف عليه الخبراء. قد يقدم العلم أدلة لكنه لا يحسم الجدل الفلسفي.














