“البيتكوين يدخل دائرة الاحتياطيات.. لكن الذهب لا يزال المسيطر مع تراجع الدولار! اكتشف التفاصيل الآن”

تقرير بلاك روك الأخير يسلط الضوء على اتجاه حقيقي نحو “التخلص من الدولار”، مع ارتفاع الطلب على الذهب وبدء ظهور البيتكوين في المناقشات على المستوى السيادي.
التخلص من الدولار يصبح حقيقة
ذكرت بلاك روك، التي تدير أصولًا تبلغ قيمتها 12.5 تريليون دولار، في تقريرها الصادر في يوليو 2025 أن التخلص من الدولار لم يعد مجرد نظرية بل تحول إلى واقع ملموس.
أصبحت البنوك المركزية تقلل تدريجياً من اعتمادها على الدولار الأمريكي وتتحول نحو مزيج أكثر تنوعاً من الأصول الاحتياطية.
ويرجع التقرير هذا التحول إلى تصاعد التوترات الجيوسياسية، واستمرار التضخم، والمخاوف المتجددة بشأن استقرار الائتمان الأمريكي.
وتناول الرئيس دونالد ترامب هذا الموضوع يوم الجمعة، موضحًا أنه بينما يفضل دولاراً قوياً، فإن “الدولار الضعيف يمكن أن يحقق أرباحاً أكبر بكثير”.
في الواقع، انخفض الدولار الأمريكي بأكثر من 10% في ستة أشهر—وهو تراجع حاد لم يشهده السوق منذ تحول ما بعد معيار الذهب في عام 1973. هذا السيناريو يمكن أن يعزز أيضاً الطلب على العملات المشفرة مثل البيتكوين كخيارات بديلة لحفظ القيمة. كما يجعل الأصول المشفرة المقومة بالدولار أرخص للمشترين الأجانب، مما قد يضعف الثقة في العملات الورقية ويدفع المزيد من المستثمرين (بما في ذلك ترامب) نحو الخيارات اللامركزية.
إعادة التفكير في استراتيجية الاحتياطيات
في عام 2024، اشترت البنوك المركزية أكثر من 1000 طن متري من الذهب، أي أكثر من ضعف المتوسط السنوي للعقد السابق. ووصلت الاحتياطيات الرسمية الإجمالية إلى نحو 36 ألف طن متري، وهو مستوى لم تسجله الأسواق منذ أكثر من 50 عاماً.
ويشكل الذهب حالياً حوالي 20% من الاحتياطيات العالمية، بينما انخفضت حصة الدولار إلى نحو 46%، بينما تشكل العملات الأخرى واليورو 18% و16% على التوالي، وفقاً لبيانات ذكرها موقع بيزنس إنسايدر.
ورغم أن الذهب لا يزال التحوط الأساسي، إلا أن التقرير أشار إلى تزايد الإشارات إلى البيتكوين (BTC) في مناقشات الاحتياطيات السيادية.
وتصفه بلاك روك بأنه أصل لامركزي غير خاضع لسيادة دولة معينة وذو إمداد ثابت، وهي سمات قد تكتسب قيمة استراتيجية مع مرور الوقت.
لم تقم البنوك المركزية بعد بإضافة البيتكوين إلى احتياطياتها بكميات مؤكدة، لكن ظهوره في التحليلات الرسمية يمثل بداية فصل جديد.
البنوك المركزية تزيد مشترياتها من الذهب
واصلت البنوك المركزية زيادة احتياطياتها من الذهب في أوائل عام 2025، حيث تجاوزت المشتريات في الربع الأول 244 طناً مترياً. كما شهدت صناديق الاستثمار المتداولة المرتبطة بالذهب طلباً متجدداً، حيث جذبت تدفقات بقيمة 30 مليار دولار، وهو مستوى لم يُسجل منذ عام 2020.
وذكر تحديث مايو من مجلس الذهب العالمي أن المشتريات الصافية الشهرية بلغت 20 طناً مترياً، بقيادة كازاخستان بشراء 7 أطنان، تليها تركيا وبولندا بـ6 أطنان لكل منهما.
وكشف استطلاع عام 2025 لمديري الاحتياطيات أن 95% منهم يتوقعون ارتفاع الاحتياطيات العالمية من الذهب في العام المقبل.
ويعتزم ما يقرب من نصف المشاركين زيادة احتياطياتهم الذهبية، بينما يتوقع أكثر من 70% تقليل تعرضهم للدولار خلال خمس سنوات لصالح الذهب واليورو والرنمينبي الصيني.
ولا تزال الأسواق الناشئة نشطة في هذا التحول، حيث كانت دول مثل أذربيجان والصين وإيران من أكثر المشترين ثباتاً، مدفوعة بالحاجة إلى حماية احتياطياتها من العقوبات أو تقلبات العملات.
وفي أبريل، بلغت أسعار الذهب ذروتها عند نحو 3500 دولار للأونصة. وتقدر “ميتالز فوكس” قيمة مشتريات الذهب الرسمية هذا العام بحوالي 80 مليار دولار، مع إمكانية تحقيق مزيد من النمو في 2026 حسب الظروف الجيوسياسية والنقدية.
وقد لعبت البنوك المركزية الصينية دوراً رئيسياً في هذا التراكم، حيث ارتفعت احتياطياتها المعلنة من نحو 2000 طن متري في أواخر 2022 إلى 2299 طناً بحلول منتصف 2025.
ويعتقد بعض المحللين أن الرقم الفعلي قد يكون أعلى، استناداً إلى أنشطة الاستيراد والتخزين خارج الميزانية.
يمثل الاتجاه الحالي انعكاساً حاداً لعصر البيع الصافي الذي بدأ في أواخر التسعينيات. ومنذ 2023، شكلت البنوك المركزية نحو 25% من إجمالي الطلب العالمي على الذهب، حيث اشترت المعدن الأصفر بمعدل يفوق تدفقات صناديق الاستثمار المتداولة بخمس مرات.
وفي السنوات الخمس الماضية، تم امتصاص أونصة واحدة من كل ثماني أونصات من الذهب المستخرج حديثاً مباشرة في خزائن الدول.
البيتكوين يثير الاهتمام في الأوساط السياسية
تتوسع مناقشات الاحتياطيات لتتجاوز المعادن والعملات الورقية. ورغم أن الاعتماد الكامل لا يزال غير مرجح على المدى القريب، إلا أن البيتكوين بدأ يظهر في المناقشات الرسمية.
في يناير 2025، أصبح البنك الوطني التشيكي أول سلطة نقدية غربية كبرى تبدأ مراجعة داخلية رسمية حول إمكانية إدراج البيتكوين في احتياطياتها. واقترح محافظ البنك تخصيص ما يصل إلى 5% من محفظته البالغة 140 مليار يورو لهذا الغرض.
وفي سويسرا، حثت حملات يقودها المواطنون البنك الوطني السويسري على النظر في تخصيص متواضع للبيتكوين بنسبة 1 إلى 2% من احتياطياته.
ورغم تزايد ظهوره في الأوساط السياسية، يظل اعتماد البنوك المركزية للبيتكوين محدوداً للغاية.
وكشف استطلاع أجرته “سنترال بانكينج بابليكيشنس” عام 2025 شمل أكثر من 91 بنكاً مركزياً تدير 7 تريليونات دولار من الاحتياطيات، أن أياً منها لا يحتفظ بالبيتكوين. ولم يُعبّر سوى 2% عن نية الاستثمار في الأصول المشفرة خلال الخمس إلى العشر سنوات المقبلة، بانخفاض حاد عن نحو 16% في العام السابق.
وتكررت هذه النتائج في تقرير “أومفيف” للمستثمر العام العالمي 2025، حيث ذكر 93% من البنوك المركزية أنها لا تخطط لإدراج الأصول الرقمية في محافظها.
وينبع هذا التردد من التقلبات الكبيرة في سعر البيتكوين، والسيولة غير المؤكدة في أوقات الضغط، والتحديات غير المحلولة في الحفظ والأمن السيبراني.
كما تواجه العديد من البنوك المركزية قيوداً هيكلية، بما في ذلك الحواجز القانونية وأطر الاستثمار المحافظة التي تفضل الأصول ذات التاريخ الطويل والعوائد المستقرة وآليات الرقابة الناضجة.
ورغم أن البيتكوين موجود منذ أكثر من عقد، إلا أنه لا يزال دون هذه المعايير في نظر معظم المؤسسات العامة.
وبينما تظل البنوك المركزية مترددة، بدأت بعض الحكومات والكيانات شبه السيادية اتخاذ خطوات مدروسة.
ففي مارس 2025، أقرت الحكومة الأمريكية “احتياطي البيتكوين الاستراتيجي”، حيث خصصت نحو 200 ألف بيتكوين تمت مصادرتها لحساب خزانة غير متداول.
ويشترط أن تكون الإضافات المستقبلية محايدة من حيث الميزانية، مما يحول الاحتياطي إلى مخزن سلبي للأصول المكتسبة سابقاً.
وتلتها تكساس بتشريع يخصص 10 ملايين دولار لاحتياطي بيتكوين خاص بها، كتحوط طويل الأجل. كما أعلنت باكستان عن خطط لإنشاء احتياطي سيادي للبيتكوين تحت إشراف وزارة المالية.
ومن بين الأمثلة الأكثر تقدماً، تمتلك السلفادور الآن أكثر من 6000 بيتكوين، رغم انخفاض استخدامها وسط مفاوضات القروض مع صندوق النقد الدولي.
ويشكل احتياطي بوتان المعلن نحو 28% من ناتجها المحلي الإجمالي، مما يظهر كيف يمكن للدول الصغيرة ذات ظروف الطاقة المواتية استخدام البيتكوين كأصل استراتيجي بطرق غير تقليدية.
سعر البيتكوين وزيادة الشرعية
أدى الارتفاع الحاد للبيتكوين في 2025 إلى جذب الانتباه مجدداً لدوره في مناقشات الاحتياطيات العالمية المتغيرة.
وفي 14 يوليو، تجاوز سعره 123 ألف دولار، مسجلاً مكاسب بنحو 75% منذ أواخر 2024. وقد غذى هذا الارتفاع تدفقات مؤسسية تزيد عن 50 مليار دولار، بقيادة صندوق “آي شيرز بيتكوين ترست” التابع لبلاك روك، الذي يدير الآن أصولاً تزيد عن 80 مليار دولار.
ومن المثير للاهتمام أن نمو صناديق البيتكوين الاستثمارية المتداولة قد تفوق على الأداء المبكر لصناديق الذهب الكبرى، مما يكشف عن سرعة دخول البيتكوين إلى التخصيص المؤسسي السائد.
وحتى 26 يوليو، يتداول البيتكوين حول 118 ألف دولار، مرتفعاً بنسبة 10% عن الشهر الماضي.
بالتوازي، حقق الوضوح التنظيمي تقدماً ملحوظاً. فقد أقرت الولايات المتحدة قانوني “كلاريتي” و”جينيوس”، اللذين يحددان الأصول الرقمية بموجب القانون الفيدرالي ويقدمان إرشادات أوضح للمشاركين في السوق.
إلى جانب هذه الخطوات التشريعية، عززت المقاومة الفيدرالية لإطلاق عملة رقمية للبنك المركزي مكانة البيتكوين المميزة كبديل لامركزي وليس أداة نقدية مدعومة من الدولة.
علاوة على ذلك، وفقاً لـ”فان إيك”، انخفضت تقلبات البيتكوين مقارنة بالأسهم، مما يعزز حجته كأصل ناضج له إمكانية استخدامه كمخزن للقيمة.
وبينما تعيد البنوك المركزية تقييم استراتيجيات احتياطياتها، فإنها لا تنوع فقط في الذهب والعملات الأجنبية، بل تراقب أيضاً نضج الأصول الرقمية من حيث الهيكل والوظيفة.
ويظل البيتكوين إلى حد كبير استثماراً مضاربيًا في سياق الاحتياطيات السيادية. ومع ذلك، فإن تزايد وجوده المؤسسي وزيادة الوضوح التنظيمي يشيران إلى أنه قد يضع الأساس للنظر فيه مستقبلاً.
الأسئلة الشائعة
- ما هو التخلص من الدولار؟
هو اتجاه متزايد لدى البنوك المركزية لتقليل اعتمادها على الدولار الأمريكي في احتياطياتها والتحول إلى أصول أخرى مثل الذهب والعملات الأخرى وحتى البيتكوين. - هل تشتري البنوك المركزية البيتكوين؟
حتى الآن، لم تقم أي بنوك مركزية كبرى بإضافة البيتكوين إلى احتياطياتها بشكل رسمي، لكنه بدأ يظهر في المناقشات الرسمية كخيار محتمل في المستقبل. - كيف يؤثر الذهب والبيتكوين على الاقتصاد العالمي؟
يعتبر الذهب تحوطاً تقليدياً ضد التضخم وعدم الاستقرار، بينما يقدم البيتكوين خصائص لامركزية وندرة قد تجعله جذاباً كأصل استراتيجي جديد في نظام الاحتياطيات العالمي.














